ستجد هذا الطفل غالباً في كل مدرسة، تسبقه سمعته، ويشكو منه المعلم ويعلن الناظر عن فشله في السيطرة عليه، يضرب زملاءه من الأطفال بسبب أو دون، ويحرض الآخرين على الإيذاء، وأحياناً إذا لم يستجيبوا له فسيتعرضون هم أيضاً للأذى، ولا يقتصر وجوده على جيل أو فئة عمرية معينة، وإنما ستجده عادة في كل فرقة دراسية.
¤ الطفل ابن بيئته:
تقول رغدة محمد -والدة طفل في الثامنة من عمره-: يشكو ابني وزملاؤه من طفل بالمدرسة يعتدي على زملائه دائماً، ووالدته تحزن من كثرة شكاوى أولياء الأمور، وبعض الأمهات طلبن نقله من الفصل، ومع كثرة الشكاوى بدأت الأخصائية ومديرة المدرسة في وضع الطفل تحت الملاحظة للعلاج واكتشفوا أن والده يعامله بشدة وقسوة.
وتحكى مي هويدي 25 سنة عن الطفل الذي يسكن بحيها ويمارس البلطجة والعنف على أقرانه من الأطفال بالحي، وعادة ما يجمع حوله بعض الأطفال يحرضهم على إيذاء الآخرين، وأرجعت سبب سلوكه هذا إلى المستوى الإجتماعي لأسرته ومهنة والده التي تفرض عليه الوجود في الشارع طوال اليوم.
أما إيمان رجب 32 سنة ومدرسة بمدرسة إبتدائية فقد وصل الأمر بمدرستها إلى أكثر من ذلك تقول: لدينا طفل بالمدرسة دائماً ما يحمل المطواة، وأرجعت السبب في ذلك إلى الخلافات الدائمة بين الوالدين التي تدفعه إلى الشارع طوال اليوم.
¤ العنف يولد العنف:
ويرجع علماء النفس سلوك البلطجة عند الطفل إلى أنها الوسيلة التي يلجأ إليها لسد حاجاته الأساسية، فهي بديل يكتسبه نتيجة لأخطاء في التربية، ومنها:
1= الإحباط: وذلك نتيجة التربية الخاطئة، وتصرفات الأب والأم أو الأخ والأخت مثل الإستهزاء وغيره، فيصاب الطفل بالإحباط.
2= العقاب: والذي يتلقاه الطفل من أسرته مثل الشتم والطرد والحرمان من الأشياء التي يحبها يؤثر على نفسيته ويجعله يسلك أساليب العدوان تجاه الآخرين وتجاه نفسه.
3= الإعتداء المباشر: على الطفل وهو ما يشعره بالميل للدفاع عن نفسه.
4= إصابة الطفل بعاهة مستديمة: أو تخلف دراسي يجعله عنيف أو عدواني ليعوض شعوره بالنقص.
وتقول د. منى أحمد البصيلي أخصائي الطب النفسى: إن الطفل الذي يتصف بهذا السلوك هو مجرد طفل لديه سلوك عنيف وليس بلطجياً، والسبب وراء إتجاهه لسلوك العنف هو المجتمع والأسرة، فهم سبب تحويله إلى هذه الصورة.
وترجع الأسباب وراء لجوء بعض الأطفال للعنف إلى التفكك الأسري، وعدم حصول الطفل على حقوقه المادية والإنسانية والإجتماعية والنفسية، عدم ثقة الطفل بنفسه بسبب الإهانة والتجريح المستمر، التعامل مع الطفل بعنف، بالإضافة إلى مشاهدة الطفل للعنف سواء في الشارع أو في الأسرة أو في التليفزيون.
¤ الإقناع بدلاً من الإجبار:
وتبين د. منى أن الحل يأتي من خلال إخضاع الطفل لبرامج تعديل للسلوك، دعم الثقة بنفس الطفل وتشجيعه، إشباع إحتياجاته النفسية والعاطفية، فنشعره بمميزاته وندعمها، عدم مقارنته بالأطفال الآخرين، عدم توجيه النقد واللوم الدائم، خاصةً أمام الآخرين، وأخيراً توفير جو أسري مناسب وحل الخلافات الأسرية.
ويرى شكري مرعي -باحث تربوي– أن من طرق علاج هذا السلوك عدم التطرق للعنف لصد هذه الصفة لدى الطفل، فإذا تم ضرب الطفل كنوع من العلاج فإنه يرتدع بالفعل، ولكن بسبب الخوف وليس الإقتناع، وعندما يرتدع الطفل بسبب الخوف فإنه سينتظر الفرصة المناسبة ليحول هذه الطاعة إلى ثأر.
ويضيف أنه على الأهل أن يفكروا فيما يطلبه الطفل منهم قبل الرفض أو القبول، فإذا ما كان الطلب في مصلحته يجب قبوله بصدر رحب، أما عكس ذلك فيجب تبريره بأسلوب هادئ ومقنع، حتى لا يشعر الطفل أن أسرته تتخذ أي قرار بشأنه بشكل عشوائي غير مفهوم، سواء في الرفض والقبول، بالإضافة إلى ضرورة تحقيق رغبات الطفل بإعتدال وإستخدام الدقة والموضوعية في إعتماد تربية سليمة تعود بالخير على الأسرة والطفل.
المصدر: جريدة الحرية والعدالة.